ممثل المرجعية العليا في أوروبا يقول:
إن لقطيعة الرحم عواقب وخيمة على حياة الإنسان ومستقبله، فهي تقصر العمر وتعطل الرزق وتسد أبواب التوفيق وتمنع استجابة الدعاء

وإليكم نص حديثه الرمضاني:
قال (ص): (ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه) من الأمور التي أكد النبي (ص) عليها في خطبته مطلع شهر رمضان صلة الأرحام وذلك لما لها من بركات في حياة الإنسان ولما فيها من تواصل وترابط بين المؤمنين. ولعل فلسفة ذلك أن الشريعة الإسلامية في كثير من أحكامها تسعى للمحافظة على الألفة والمحبة بين المؤمنين وتنامي أواصر التراحم والتواد بينهم، وهذا الأمر يزداد أهمية وضرورة بالنسبة إلى أرحام الإنسان نفسه الذين يشتركون معه في سلسلة نسبه سواء كانوا قريبين أم بعيدين. ولهذا نجد التأكيد البالغ على هذه الفريضة في النصوص الشريفة، فقد وردت في هذا الشأن طائفة من الروايات:

فمنها: ما ورد عن الإمام علي(ع) : (أيها الناس إنه لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال عن عشيرته ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم وهم أعظم الناس حيطة من ورائه وألمهم لشعثه وأعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به ).
ومنها: ما عن الإمام الباقر (ع) يروي عن الرسول (ص):(أوصي الشاهد من أمتي والغائب ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصل الرحم وإن كانت منه على مسيرة سنة فإن ذلك من الدين).
ومنها: ما عن أبي عبد الله (ع) أن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله أهل بيتي أبوا إلا توثبا علي وقطيعة لي وشتيمة، فأرفضهم ؟ قال : إذا يرفضكم الله جميعا قال : فكيف أصنع ؟ قال : تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ، فإنك إذا فعلت ذلك كان لك من الله عليهم ظهير).
وإذ تؤكد الروايات على أهمية هذه الفريضة فإننا نجد إغفال الناس لصلة الرحم متعللين بمشاغل الحياة والتزاماتها، ولكن هذا أمر غير مقبول فإذا كانت مشاغل الفرد والتزاماته تمنعه عن زيارة رحمه أسبوعيا فليجعلها بين فترة وأخرى أو عن طريق وسائل التواصل التي أصبحت اليوم ميسرة فما يضير الفرد أن يتصل برحمه أو يراسله ليتفقد حاله ويطلع على حاجاته؟
ولا يقتصر الأمر في صلة الرحم على كونه امتثالا لتكليف شرعي واجب فقد أشارت الروايات إلى جملة من البركات الدنيوية المترتبة عليها فمنها: ما ورد عن الإمام الصادق(ع):(ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم حتى إن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين).
ومنها: ما عن الإمام الباقر(ع) 🙁 صلة الأرحام تزكي الأعمال وتنمي الأموال وتدفع البلوى وتيسر الحساب وتنسئ في الأجل (أي: تطيل العمر )) ومنها: ما عن الإمام زين العابدين (ع) قال:(قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من سره أن يمد الله في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه ، فإن الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق تقول : يا رب صل من وصلني واقطع من قطعني ، فالرجل ليرى بسبيل خير إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر في النار) . ومنها: ما عن الإمام الرضا(ع) عن الرسول (ص):(من ضمن لي واحدة ضمنت له أربعة يصل رحمه فيحبه الله ويوسع عليه في رزقه ويزيد في عمره ويدخله الجنة التي وعده). وفي مقابل ذلك فإن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب التي توعد الله عليها بالنار وقد حذرت منها الشريعة الإسلامية ونبهت على ما يترتب على ذلك من عواقب في الدنيا قبل الآخرة قال تعالى:(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) أي -كما ورد في بعض التفاسير-:(تتساءلون (به) فيما بينكم حيث يقول بعضكم لبعض: أسألك بالله وأنشدك بالله واتقوا (الأرحام) أن تقطعوها) وفي آية أخرى:(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) وفي آية ثالثة:(الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك هم الخاسرون) وورد عن رسول الله(ص):( يا علي أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إليه إساءة، ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك، ورجل وصل قرابته فقطعوه).
وعن الإمام الباقر(ع) :(ثلاث خصال لا يموت صاحبها أبدًا حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم وإن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها وتنقل الرحم وإن نقل الرحم انقطاع النسل).
وورد أن الإمام الكاظم (ع) قال لرجل 🙁 يا يعقوب قدمت أمس ، ووقع بينك وبين أخيك شر في موضع كذا وكذا حتى شتم بعضكم بعضا ، وليس هذا ديني ولا دين آبائي ، ولا نأمر بهذا أحدا من الناس ، فاتق الله وحده لا شريك له ، فإنكما ستفترقان بموت ، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله ، وستندم أنت على ما كان منك ، وذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما . فقال له الرجل : فأنا جعلت فداك متى أجلي ؟ فقال : أما إن أجلك قد حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به في منزل كذا وكذا فزيد في أجلك عشرون قال : فأخبرني الرجل ولقيته حاجا أن أخاه لم يصل إلى أهله حتى دفنه في الطريق) فلاحظوا أيها المؤمنون هذه الآثار الخطيرة على حياة الإنسان، فليسع كل منا لأداء واجبه تجاه أرحامه وأهل بيته والوفاء بحقوقهم ليبارك الله عز وجل لنا فيما أنعم به علينا ويجنبنا نقمته وسخطه. أعاذنا الله وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وجعلنا من المهتدين بهدى أئمتنا الطاهرين والمستضيئين بنور أحاديثهم وإرشاداتهم إنه سميع مجيب.

اترك تعليق