ممثل المرجعية العليا في أوروبا يهنئ العالم الاسلامي بولادة الإمام محمد الجواد عليه السلام

0
5982

هنأ ممثل المرجعية العليا في أوروبا سماحة السيد مرتضى الكشميري الأمة الإسلامية بولادة الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام وذلك بكلمة له في مؤسسة الامام الرضا (ع) – ليفربول البريطانية  وهذا نص كلمته .

بسم الله الرحمن الرحيم

نتقدم بالتهنئة لصاحب الأمر والزمان الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف بذكرى ولادة جده الإمام الجواد عليه السلام و نهنئكم ونهنئ الامة الاسلامية بهذه المناسبة العظيمة.

 بهذه المناسبة اود ان اتحدث عن شيء من حياة الامام الجواد عليه السلام إذ تميزت حياته عليه السلام  بعدة مميزات منها :كونه أصغر الأئمة (ع) سنا عند شهادته (25 سنة)، واول الثلاثة من الائمة الذين تقلدوا منصب الامامة قبل بلوغهم الحلم (وهم الإمام الجواد والهادي والحجة (ع))، كما حصل ذلك لنبي الله يحيى وعيسى عليهما السلام.

ويجب ان تتوفر في الإمام شروط :
النص الإلهي على لسان رسول الله (ص) ، والتأكيد عليه من الإمام السابق، وافضليته على جميع أهل زمانه، وقد توفرت هذه الادلة على إمامة الإمام الجواد (ع). وذكر أهل العلم هذه الأمور كما ذكروها بالنسبة الى ابائه واجداده، وأهم هذه الثلاثة :

افضليته على معاصريه في جميع الكمالات، وتفوقه عليهم علما وعملا وأخلاقا وهديا وسلوكا، حتى اعترف بذلك الاعداء قبل الاولياء، وقد روى عنه العلماء الوانا ممتعة من الحكم والآداب التي تتعلق بمكارم الأخلاق وغيرها، الى جانب العلوم الاخرى، ومنها يتضح لنا انه افضل انسان في زمنه وعصره واعجوبة دهره، وقد تسلّم مسؤولية الإمامة وهو لا يتعد التاسعة من عمره الشريف حتى وقع الشك عند الكثيرين في إمامته، فعمدوا الى امتحانه بالأسئلة الفقهية والعلمية وغيرهما، وتوجهت وفود علمائية وجماعات إلى المدينة واجتمعوا به واختبروه وسألوه عن آلاف المسائل فأجاب عنها بكل وضوح وبدون تردد، وعلى اثر ذلك عادوا الى بلدانهم معترفين بفضله، مقتنعين بإمامته، معجبين بعلمه لاحاطته بكل الأمور على صغر سنه.

وذكر الشيخ الطبرسي في اعلام الورى: ان ابا جعفر الجواد (ع) قد بلغ في فضله من العلم والحكمة والأدب مع صغر سنه منزلة لم يساويه فيها احد، ولذا كان المأمون العباسي مشغوفا بحبه لما رآه من علو رتبته وعظيم منزلته في جميع الفضائل، وكان متوفرا في إعظامه وتوقيره وتبجيله.

ومما ورد في سعة علمه (ع) ما رواه الشيخ الكليني في الكافي من أن قوما سألوا أبا جعفر الجواد (ع) عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها (لعل ذلك كان في مجالس متعددة والمسائل بلغت فروعها وتشعباتها الى ثلاثين الف مسئلة نظير مسألة يحيى بن أكثم).

وقد تحدث المرحوم الشيخ القرشي في ج32 من موسوعة أهل البيت (ع) عن الحياة الثقافية في حياة الإمام الجواد (ع) التي ازدهرت فيها الحركات الثقافية ، وانتشر فيها العلم انتشاراً واسعاً ، وتأسّست المعاهد الدراسية ، وانتشرت المكاتب العامة ، وأقبل الناس بلهفة على طلب العلم في كل من يثرب والكوفة والبصرة وبغداد، وبوجوده (ع) كانت يثرب آنذاك من أهم المراكز العلمية ، التي تشكّلت فيها مدرسة أهل البيت (ع) وضمّت عيون الفقهاء والرواة من الذين سهروا على تدوين أحاديث أئمة أهل البيت (ع) ، بما فيها الفقه باعتباره روح الإسلام وجوهره ، ولعل قول الامام الرضا (ع) (هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه) كان يشير الى دور الامام الجواد (ع) هذا العصر.

هذا ولم تقتصر العلوم التي تطرق اليها الامام (ع) على علوم الشريعة بل تعدتها إلى العلوم الطبيعية كالكيمياء والفلك والرياضة والهندسة والسياسة والطب الذي كان له فيه باع طويل عبر شرح بعض النظريات العلمية والعلاجات الطبية، فكان (ع) ملجأ لكل ما يحتاجون إليه المسلمون في دينهم ودنياهم.

ولكن من المؤسف والمؤلم مع تحضر العالم والتطور الذي نشهده يوما بعد يوم لم تنعكس آثار هذه العلوم على المناهج الدراسية في المدارس والمعاهد الاسلامية وغيرها حتى يتعرف عليها ابنائنا ويتعلموها ويعلموا أن هذه العلوم والمعارف مصدرها هم الائمة (ع)، بينما نرى الأعداء يذكرون لهم الأقزام والنكرات والأسماء المجعولة التي لا وجود لها في التاريخ ليحجبوا بها هذه الوجوه الوضاءة والمشرقة من أهل بيت النبوة الذين يمثلون الهدى والاستقامة في هذا العالم بما يحملونه من علم ومعرفة، ولكن ((يريدون أن يطفئوا نور الله بافواههم ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون)).

ولهذا يقول الإمام جعفر الباقر (ع) لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة (شرقا وغربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت).

إلى جانب هذا فقد كان للإمام (ع) دور بارز في ترسيخ العقائد الإسلامية والدفاع عنها، وتصحيح معتقدات الناس نتيجة من يشككهم في اعتقاداتهم وأصول دينهم، إلى جانب ذلك موقفه من الفرق المنحرفة وتصحيحه الأحاديث الموضوعة في فضائل بعض الصحابة التي روج لها بنو أمية منذ زمان معاوية بن أبي سفيان، وصرفوا عليها الأموال الطائلة وذلك لبلوغ أهدافهم السياسية والمحافظة على أركان ملكهم واستمرار تسلطهم غير المشروع على الخلافة الإسلامية.

فنسأل من المولى سبحانه وتعالى ببركة هذا المولود الذي لم يولد أعظم بركة منه أن يجعلنا من المقتدين والسائرين على نهجه ونهج آبائه الكرام (ع)

اترك تعليق