ممثل المرجعية العليا في اوربا يشيد بدور العاملين لمؤسسة العين للرعاية الاجتماعية

0
3466
9 ربيع الثاني 1443هـ

كلمة ممثل المرجعية العليا في اوربا سماحة السيد مرتضى الكشنيري في المؤتمر السابع الدولي لمؤسسة العين المقام في هولندا :

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله

يسرني ويسعدني ان اقف بين يدي ثلة من المؤمنين اجابت نداء الله ولبت دعوة داعي الله واغاثت عيال الله فنالت مرضاة الله تعالى. ما اسعد هذه الثلة وما افلحها اذ اختارت بذل وقتها وصرف عمرها في ما يثقل ميزان حسناتها يوم القيامة، فكانت ممن قرأ القران قراءة وعي وتدبر وادكار.

ان من المبادئ التي اكد عليها القران وكررها وحث عليها هو مبدأ التكافل الاجتماعي والشعور بالمسؤولية تجاه الطبقة المحرومة فقد وردت النصوص المتواترة من الايات والروايات تحمل احكاما الزامية واستحبابية تصب في هذا الاتجاه وتندد بمن يتنصل عن مسؤوليته في هذا الجانب باعذار واهية وذرائع تافهة، فقد قال عز من قائل ((واذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين امنوا انطعم من لو يشاء الله اطعمه ان انتم الا في ضلال مبين)) وقال تعالى ((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)) الى غير ذلك من الايات والروايات التي تحمل الوعد والوعيد وتصب في خانة الاهتمام بالطبقة المحرومة، وجاء في الحديث (الفقراء عيال الله) .

كما راعى الإسلام الجانب النفسي والروحي للطبقة المحرومة فهو اذ يأمر بالاحسان اليهم ورعايتهم ينهى عن المن عليهم وايذائهم بالنظرة الدونية فقال تعالى ((ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى))، بل يجب على من يحسن اليهم ويرعاهم ان لا يشعرهم بفاقتهم ولا ينتقص من مكانتهم. وهذا ما جسده النبي (ص) واهل بيته الاطهار (ع) فهذا علي بن الحسين زين العابدين كان اذا اتاه السائل رحب به وادناه وهو يقول له (اهلا بمن يحمل زادي الى الاخرة) وكم من مرة يصادف فقراء في طريقه جلسوا على قارعة الطريق يأكلون كسرة خبز فيجالسهم ويؤاكلهم ثم يدعوهم الى منزله ويطعمهم من كريم موائده ، وكم من عائلة فقيرة تعهدها في منزلها مضيقا لثامه في جوف الليل ليتصدق عليهم سرا ويجنبهم ذل السؤال وضعف الموقف ، تلك الصدقة التي ورد الحديث في وصفها انها تطفئ غضب الرب ، ومدحها القران بقوله ((الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية)) وقد حكى احد المؤرخين ويعرف بان عائشة قال سمعت اهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين زين العابدين (ع).

أيها الاخوة الأعزاء ما اعظم ما انتم عليه من الاهتمام بالضعفاء من عباد الله فهذا القران الكريم يقول ((فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة)) وقال تعالى ((ارايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين)) وقال مخاطبا نبيه الكريم ذا الخلق العظيم ((فاما اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر)) وقال تعالى مادحا نخبة من المؤمنين بقوله ((والذي في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)).

وامتازت الطبقة اليتيمة بالاهتمام من سيد الانام واهل بيته الكرام امتثالا لاوامر الملك العلام وتجسيدا لتعاليم القران، فاهتم الرسول نفسه (ص) بالايتام ايما اهتمام وأوصى بهم كل الانام، ومن بعده اخوه ووصيه وصنوه، فقد أوصى بهم وهو على فراش مرض الموت قائلا (الله الله بالايتام فلا تغبوا افواههم ولا يضيعوا بحضرتكم) ممتثلا بذلك قول النبي الأعظم (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه) وعن رسول الله (ص) (من انكر منكم قساوة قلبه فليدنٍ يتيما فيلاطفه وليمسح راسه يلين قلبه بأذن الله عز وجل فان لليتيم حقا) وقال (وليقعده على خوانه ويمسح راسه يلين قلبه) وعن مولانا امير المؤمنين (ع) (ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحما له الا أعطاه الله تعالى بكل شعرة نورا يوم القيامة) وعن مولانا الصادق (ع) (اذا بكى اليتيم اهتز له العرش فيقول الله تبارك وتعالى من هذا الذي ابكى عبدي الذي سلبته ابويه في صغره، فوعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكته عبد مؤمن الا وجبت له الجنة).

ومن هذا المنطلق اهتمت المرجعية الرشيدة العليا المتمثلة بسيدنا ومولانا الامام السيستاني بهذا المبدأ الإنساني الذي دعا اليه واهتم به الإسلام وأكدت عليه النصوص الشريفة، وعمدت لاحيائه وتفعيله بنحو مؤسساتي فأوعزت الى نخبة طيبة من المؤمنين بأنشاء وتأسيس مؤسسات تنشط في هذا الاتجاه وكان منها مؤسسة العين الوضاءة والمشرقة التي قامت بتغطية المئات من الالاف في مختلف المدن من ايتام المؤمنين في العراق وخارجه، برعايتها وبخدماتها المادية والمعنوية والتربوية والتعليمية والروحية، نسال الله تعالى لهم المزيد من التوفيق والتسديد والتالف والتواصل فيما بين العاملين.

هذا والله في عونكم وسندكم وهو المعين.

((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))

اترك تعليق