8 رجب 1445هـ
ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ المسلمين بحلول شهر رجب ويدعوهم للاستفادة من اجوائه الروحانية
جاء حديثه هذا بمركز الامام الهادي (ع) بمدينة ميونخ الالمانية بتاريخ 20 كانون الثاني 2024م بمناسبة حلول شهر رجب قائلا:
ان من اشهر الله المعظمة شهر رجب، الذي له مكانته العظيمة وموقعه بين الشهور، لهذا يقول مولانا علي امير المؤمنين (ع) (رجب شهري وشهر شعبان شهر رسول الله (ص) وشهر رمضان شهر الله) وعن الامام الكاظم (ع) (رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة).
هذا الشهر يسمى بـ(شهر رجب الاصب) لان الله سبحانه وتعالى يصب فيه الرحمة على عباده والمغفرة لهم وهو من الشهور الموسمية للعبادة في الإسلام الذي تكثف فيه العبادات والطاعات، وهنا يواجهنا التساؤل التالي:
اليس كل الأشهر والأيام هي مواسم للعبادة في الإسلام؟
الجواب نعم. ان كل يوم من أيام الله هو موسم عبادي في الإسلام وكل اشهر الله هي مواسم عبادة، لكن هناك أيام تتأكد فيها العبادة ويتضاعف فيها الاجر، فشهر رمضان له موقعه الخاص تتضاعف فيه العبادات ويتضاعف فيه الاجر والثواب، وكل ليلة من ليالي الله عبادة وموسم عبادة الا ان ليلة القدر هي خير من الف شهر، وكل يوم من أيام الله عبادة الا ان يوم عرفه ويوم الجمعة لهما موقعهما الخاص، ويعبر الحديث عن يوم الجمعة بـ(سيد الأيام واعظمها عند الله) ففي حديث عن الامام الباقر (ع) (ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة) وفي خبر اخر عن الامام الصادق (ع) (من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلن بشئ غير العبادة، فإن فيه يغفر للعباد وتنزل عليهم الرحمة).
واننا حينما عبرنا عن موسمية العبادة لا يعني اننا نوقت العبادة والطاعة في موسم معين، بل هي محطات للشحن نتزود منها بالطاقة الروحية، التي تحركنا في طريق الله لان طريق الله طويل وصعب وشاق نحتاج فيه الى وقود وطاقات لاستمرار عبادة المؤمن السائر في طريق الله ((يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه)) لان السائرين في طريق الله يواجهون خصوم الله الذين يقفون لهم في الطريق ويريدون لهم ان ينحرفوا عن طريقه بدءا من الشيطان ((لاقعدن لهم صراطك المستقيم)) لكي يحرف المؤمنين حتى ينهزموا ويتراجعوا عن طاعة الله، وهكذا الطاغوت ((والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها)) واقف لنا في طريق الله ليصد عباده بالقوة وبكل وسائل الارهاص والإرهاب، الى جانب الشهوات والمغريات التي تصدنا عن طريق عبادة الله.
لهذا فنحن نحتاج الى طاقات وشحن روحي، لان الوقود قد ينفذ وينتهي، واذا انتهى يسقط الانسان ويتجمد المؤمن السائر في طريق الله.
اذن فشهر رجب من المحطات الموسمية التي تزودنا بالطاقة الروحية، لما ورد فيه من أنواع العبادات المختلفة من قراءة القران والصدقات واعمال البر التي تقربنا الى الله سبحانه وتعالى ، من تلك الاعمال المنصوص عليها في شهر رحب :
الصيام الذي له من الثواب الجزيل، فعن رسول الله (ص) انه قال (من صام يوما من رجب ايمانا واحتسابا غفر له) وفي اخر (ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقا أو حجابا طول مسيرة سبعين عاما ويقول الله عز وجل عند إفطاره: لقد وجب حقك علي ووجبت لك محبتي وولايتي أشهدكم يا ملائكتي اني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال واجبر من عذاب القبر وكتب له مثل أجور أولي الألباب التوابين) وهكذا يتسلسل الحديث بالاجر والثواب بعدد أيام الشهر.
الى جانب استحباب الصوم فهناك الصلوات المخصوصة لكل ليلة وتلاوة القران والاكثار من قراءة سورة الإخلاص والاستغفار والصلاة على النبي واله ، الى غير ذلك من الاعمال الواردة في كتب الادعية والزيارة التي تقربنا من الله سبحانه وتعالى ليمطر علينا من شئابيب رحمته وفضله فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم.
مضافا الى هذا المناسبات التي في هذا الشهر ومنها ما هو محزن وما هو مفرح، فالمحزن شهادة الامام علي الهادي والامام موسى الكاظم وأبو طالب وزينب (عليهم السلام)، والمفرحة ولادة الامام علي (ع) وبعثة النبي (ص) واسراءه ومعراجه.
هذا ونؤكد على الزيارة الرجبية والدعاء عقب كل صلاة (يا مَن أرجوهُ لكلّ خَيرٍ وَآمَنُ سَخَطَهُ عِندَ كُلِّ شَرٍّ، يا مَن يُعطي الكَثيرَ بِالقَليلِ، يا مَن يُعطي مَن سألَهُ يا مَن يُعطي مَن لَم يَسألهُ وَمَن لَم يَعرِفهُ تَحَنُّنا مِنهُ وَرَحمَةً أعطِني بِمَسألَتي إياكَ جَميعَ خَيرِ الدُّنيا وَجَميعَ خَيرِ الآخرةِ، واصرِف عَنّي بِمَسألَتي إياكَ جَميعَ شَرِّ الدُّنيا وَشَرِّ الآخرةِ فَإنَّهُ غَيرُ مَنقوصٍ ما أعطَيتَ وَزِدني مِن فَضلِكَ يا كَريمُ).
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لاداء اعماله وقيام لياليه انه سميع مجيب