18 جمادى الاخرة 1445هـ
ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنئ العالم الإسلامي بولادة الزهراء (ع) ويدعو المرأة المسلمة في يومها العالمي الاقتداء بها لأنها عنوان الكمال الإنساني ويقول:
لقد حملت فاطمة الزهراء (ع) بجدارة لقب سيدة النساء من الاولين والاخرين لانها أعطت للمراة قيمتها وقدسيتها في مجتمع ينظر اليها بامتهان واحتقار ويعاملها معاملة اللئام
جاء حديثه هذا بمؤسسة ال البيت (ع) بمناسبة يوم ولادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) في العشرين من جمادى الاخرة وهو يوم المرأة العالمي واليكم نص ما قال:
ليس بوسع الباحث ولا المفكر ولا العبقري مهما اوتي من ذكاء وفطنة ان يتحدث عن مقام فاطمة الزهراء (ع) التي دارت على معرفتها القرون الأولى، ونستطيع القول بانها شخصية إنسان تحمّل طابع الانوثة لتكون آية على قدرة الله البالغة واقتداره البديع العجيب، فإن الله تعالى خلق محمداً (ص) وسلم ليكون آية قدرته في الأنبياء، ثم خلق منه بضعته وابنته فاطمة الزهراء (ع) لتكون علامةً وآيةً على قدرة الله في إيداع مخلوق أنثى تكون كتلة من الفضائل، ومجموعة من المواهب .
فلقد أعطى الله تعالى فاطمة الزهراء (ع) أوفر حظ من العظمة، وأوفى نصيب من الجلالة بحيث لا يمكن لأيّة أنثى لأيّة أنثى أن تبلغ تلك المنزلة، فهي من فصيلة أولياء الله الذين اعترفت لهم السماء بالعظمة قبل أن يعرفهم أهل الأرض، ونزلت في حقّهم آيات محكمات في الذكر الحكيم تتلى آناء الليل وأطراف النهار منذ نزولها إلى يومنا هذا والى أن تقوم القيامة .
شخصية كلما ازداد البشر نضجاً وفهماً للحقائق واطّلاعاً على الأسرار ظهرت عظمة تلك الشخصية بصورة أوسع، وتجلت معانيها ومزاياها بصورٍ أوضح . إنّها فاطمة الزهراء (ع) التي يثني الله عليها ، ويرضى لرضاها، ويغضب لغضبها، ورسول الله (ص) ينوّه بعظمتها وجلالة قدرها، وأمير المؤمنين (ع) ينظر إليها بنظر الإكبار والإعظام، وأئمة أهل البيت (ع) ينظرون إليها نظر التقديس والاحترام.
لذا يقول الامام حسن العسكري (ع) (نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة علينا)
وفي هذا المقام يقول بعض الاعاظم : لم تعرف الخضراء ولا الغبراء ما وطأها من الاقدام اشرف ولا انبل من قدم فاطمة الزهراء (ع)، فان جنان الارضين والسموات، تفتخر ان تطأها هذه الاقدام التي سنت الطريق امام اجيال الاسرة البشرية، لتخطو سيداتها واميراتها ومليكاتها على تلك الخطى التي شرعت لهم ابواب الدخول الى الجنة.
ومن هنا اعتبر يوم ذكرى ولادتها يوم المرأة العالمي الذي تتجلى فيه هذه السيدة الممتدة من اعماق الوحي الى الهام الامامة، فهي التي حملت بجدارة لقب سيدة النساء من الاولين والاخرين وهي التي اعطت للمرأة قيمتها وقدسيتها في مجتمع ينظر اليها بأمتهان واحتقار ويعاملها معاملة اللئام ، ظهرت هذه السيدة البتول لتكون اما لأبيها سيد الانبياء فتمنحه من حنان الامومة ودفئها ما فقدته في حياتها وما احتاج اليه في رسالته ومهمته الكبرى ومواجهته مع عوالم الكفر والشرك والتخلف والتحجر، فكانت العظيمة التي صنعت عظيمها وانجبت من بعده العظماء وسادة الشهداء وقادة العلماء وانظمت الى بيت علي (ع) فكانت الشريكة له في استكمال مهمة السماء بالانتقال من النبوة الى الامامة وانجبت الحسنين (ع) ليكونا امامين قاما او قعدا في السلم او الحرب معا، وتتسلسل الامامة من رحمها وصلب علي (ع) لتضاء الارض بهذه الانوار الخالدة التي يحمل كل منها ومضة من الزهراء ونفحة من نفحات البتول (ع). لم يجتمع كل هذا الفضل في جسد واحد وروح واحدة من قبلها وبعدها الا في هذا الجسد الطاهر الذي اضاء الكون بطلعته التي لا تمحى ولا تزول، تتجدد في طلعة كل شمس واطلالة كل قمر ولا خيار امام الا
جيال من النساء اللائي يواجهن اليوم في عالمنا المعاصر تحديات وجودهن الانساني لكامل حضورهن ودورهن في الاسرة البشرية، الا ان تستلهم المرأة من الزهراء (ع) صوتها وصورتها وعنوانها في عالم يريدها دمية او لعبة للتسلية واللهو والدعاية ، او وسيلة للسقوط والانحلال والميوعة ، لا خيار للمرأة الانسانة الا ان تكون السيدة الفاضلة والام المربية والشريكة الكاملة في مهام الحياة النبيلة ، والا ان تكون في كل مراحل حياتها الريحانة وليست القهرمانة والقارورة الناصعة الشفافة الرقيقة التي تبعث الدفء والحنو والالق في زوايا الدنيا المعتمة ، فتكون الزهراء (ع) القدوة مدرسة الاجيال الصالحة هي التلميذة في مدرسة الزهراء. جعلنا الله واياكم من السائرين على خطها والمنتهجين منهاجها والمهتدين بهديها فان من اقتدى بها فقد اهتدى.
((إِنَّ الأَبرارَ يَشرَبونَ مِن كَأسٍ كانَ مِزاجُها كافورًا ، عَينًا يَشرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرونَها تَفجيرًا))