٩ محرم ١٤٤٠ هـ
شارك ممثل المرجعية العليا في اوربا سماحة السيد مرتضى الكشميري دام ظله المومنين ليلة الثامن من محرم وهي الليلة المخصصة للقاسم بن الامام الحسن السبط (ع) والتي كان لسماحته فيها ثلاثة برامج في العاصمة النرويجية اوسلو :
1- في انجمن حسيني للناطقين بغير العربية
2- مركز الامام الرضا (ع)
3- مركز الامام المهدي (عج)
وقد تلخص الحديث في تلك الاماكن الثلاثة عن فصاحة القاسم (ع) وبلاغته وشجاعته، حيث ذكرت الكتب انه قتل خمسة وثلاثين فارسا رغم حداثة سنه الذي لم يتجاوز الثلاثة عشر عاما، مما اذهل الاعداء الذين بلغ عددهم كثر من ثلاثين الف، فلم يعبأ بجموعهم واخذ يصول ويجول فيهم مرتجزا
إنْ تُنكِرونِي فَأنَا نَجلُ الحَسَن سِبطِ النَبِيِّ المُصطَفَى وَالمُؤتَمَن
هَذا حُسينٌ كَالأسيرِ المُرتَهَن بَينَ أُنَاسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُن
وفي اثناء النزال مع الاعداء انقطع شسع نعله، فابى (ع) ان يبقى محتفيا في الميدان، فهوى يشده، فتكالب عليه الاعداء حتى مضى شهيدا.
أهوى يشد حذاءه والحرب مشرعة لأجله
ليسومها ما إن غلت هيجاؤها بشراک نعله
متقلدا صمصامه متفيئا بظلال نصله
لا تعجبن لفعله فالفرع مرتهن بأصله
السحب يخلفها الحيا و الليث منظور بشبله
وقال سماحته: ان شجاعة وفصاحة وبسالة القاسم (ع) تعطينا درسا بليغا لشبابنا وابنائنا بأن يكون جلّ همهم الدفاع عن اسلامهم وعقيدتهم الحقة، وان يحصّنوا انفسهم من الغزو الفكري الذي غزى بلداننا الاسلامية، لاننا ابتلينا بافكار غريبة هدامة لا نجني من ورائها الا زعزعة عقيدتهم وبعدهم عن قيمنا وهدم ثوابتنا الدينية، والتي لا يراد منها الا محو هويتهم الاسلامية، ودفعهم الى طريق الغلو في الدين تارة، او التفريط فيه بالانحلال والرذيلة تارة اخرى، فابناءنا اليوم تحيط بهم مذاهب وافكار وتيارات متعددة معادية لدينهم بشتى الطرق والاساليب التي تهدف الى افساد عقيدتهم لكي لا يكونوا قادرين على حماية اوطانهم، لانهم يعلمون ان الشباب هم عزة وقوة المسلمين ودرع الامة الاسلامية، فيريدون بهذا صرفهم عن دينهم وتشكيكهم فيه وفي كل ما انزله الله في كتابه وسنة نبيه المصطفى (ص).
اذا فما هو المخرج من هذا الحصار للاخذ بهم الى بر الامان من هذا التوجه؟
السبيل هو أن تتشابك أيدينا نحن الآباء والأمهات والمعلمين والكتاب والإعلاميين وصانعي القرار، بالوقوف مع أبناءنا نحدثهم ، نحاورهم، نقترب من فكرهم من أصدقائهم من حياتهم حتي يتسنى لنا إدراك لحظات الخطر، لأن في عصر التكنولوجيا ومواقع التواصل بين الخير والشر لحظات فقط لأخذ الحيطة والحذر. واعطائهم النصح باستمرار وتوجيههم بما يجب عليهم القيام به من أفعال وتصرفات، وبما يجب عليهم من اجتناب المحرمات من أفعال وتصرفات سيئة ومنبوذة، ولومهم إذا أخطأوا، وبيان عواقبه عليهم وعلى المجتمع حثهم على الاختلاط بالاخيار الصالحين والعلماء الموثوق بهم وحضور مجالس العلم لتحصينهم بالتربية الإسلامية الصحيحة، وغرس تعاليم ومبادئ الإسلام، وتوضيح مخاطر ومفاسد العلمانية والعقلانية والحداثة ومخاطر الفكر الغربي الجديد، التي أطلقها الغرب أمام أبنائنا ، ورسخت داخل أجيالهم وانتشرت كانتشار السرطان الخبيث في الجسد ، فقد حدد الإسلام مسؤولية كل فرد منا تجاه من هو مسؤول عنهم ابتداءً من الحاكم، وانتهاءً بالخادم، ويوضح هذا قوله أن رسول الله (ص) (كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِه، الإِمامُ راعٍ ومَسؤُولٌ عنْ رعِيَّتِه، والرَّجُلُ راعٍ في أهلِه وهو مَسْؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرْأةُ راعِيةٌ في بيتِ زوجِها ومَسْؤُولةٌ عن رعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه ومَسْؤُولٌ عن رعيَّتِه. قال: وَحَسِبْتُ أنْ قدْ قال: والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْؤُولٌ عن رعيَّتِه ، وكُلُّكُم راعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِه).
فما علينا سوى ان نقوى مناعتهم بالتمسك بكتاب الله وسنته ومنهج اهل البيت (ع)، وتربيتهم على الاستقامة والعفاف والتقى والصلاح وعلى الخوف من الله عز وجل ، فنحن لا نريد منهم سوى ان يكونوا شبابا يميز الطيب من الخبيث ، شبابا يعلم كيف يدافع عن دينه ، شباب لا ينخدع بالمظاهر البراقة للغرب ، شبابا ينشأ على وجود قدوة في حياته ، شبابا يضع هدفه نصب عينيه ، فهم أمل الأمة الإسلامية لتحقيق الهدف الاسمى وهو إعلاء كلمة لا اله الا الله فلا عز لنا إلا بالتمسك بديننا وتطبيق الشريعة وصحوة ضمائرنا لنصرة الإسلام على الغرب الذي يعلم جيدا أن طاقتنا تكمن في شبابه وفتياته الصالحين.
كما حث سماحته الجموع الموالية على وحدة الصف ووحدة الكلمة ونبذ الفرقة التي هي اساس البلاء علينا، وطلب منهم بأن نكون يد واحدة على من سوانا من الاعداء، وتكون امالنا والامنا واحدة، وان نعتصم جميعا بالعروة الوثقى وحبل الله المتين وصراطه المستقيم محمد وال محمد عليهم السلام.
وان نلتزم بخط النيابة الحقة وهي قيادة العلماء الاعلام والمراجع العظام في عصر الغيبة التي هم فيها صمام الامان لديننا وعقيدتنا.
كما اكد ايضا على احياء الشعائر الحسينية وفق ما توارثناه خلفا عن سلف، فأن مجالس سيد الشهداء ومظاهر العزاء عليه هي من اعظم ذخائرنا التي لا يمكن التفريط بها، بل تجب المحافظة عليها بكل ما اوتينا من قوة.
نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع احسنه.
وعظم الله اجورنا واجوركم بمصاب ابي عبد الله الحسين (ع) واهل بيته وصحبه الابرار.