- 18 رمضان 1445هـ
ممثل المرجعية العليا في أوروبا يعزي ولي الله الأعظم والمراجع العظام والعالم الإسلامي اجمع بشهادة القرآن الناطق ليلة نزول القرآن الصامت
لقد فجع العالم الإسلامي في إحدى ليالي القدر بشهادة القرآن الناطق ألا وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي جسد تعاليمه قولاً وعملاً وتطبيقاً وسلوكاً وهو القائل لملأ الشام في صفين حينما أرداوا أن يجعلوا القرآن حكماً:
(هذا كتاب الله الصامت وأنا المعبّر عنه فخذوا بكتاب الله الناطق وذروا الحكم بكتاب الله الصامت إذ لا معبّر عنه غيري) وهو القائل: (والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت) وقال: (سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل).
وعن ابن مسعود قال (نزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن عند علي عليه السلام علم القرآن ظاهره وباطنه).
وغير ذلك من الأحاديث الواردة في هذا المجال. إذاً، فمن الإمام علي وأهل بيته عليهم السلام يؤخذ التفسير والتأويل وهم الدليل على القرآن ولا يستطيع أي أحد أن يغوص في بحر كتاب الله غيرهم فهم أبواب العلم وخزنته ومن جعلهم رسول الله (ص) عدل القرآن الكريم.
كما أن عدداً كبيراً من آيات هذا الكتاب الصامت نزلت في حق القرآن الناطق يقول ابن عباس (ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي (ع) ) ثم قال (نزلت في علي أكثر من ثلاث مئة آية في مدحه) وكان جلّ أصحاب رسول الله (ص) يدركون هذه الحقيقة لهذا كانوا يرجعون لأمير المؤمنين (ع) حينما لم يهتدوا إلى تفسير أو تأويل آية من كتاب الله وقد أحصى المؤرخون شواهد كثيرة جداً على هذا.
لقد كشف رسول الله محمد (ص) عن عمق العلاقة بين القرآن الناطق والصامت بقوله: (علي مع القرآن والقرآن معه لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) ولا تعني هذه العبارة الشريفة المعية المكانية أو الزمانية بل تعني المعية النفسية والواقعية والمعرفية فعلي نفس القرآن ومعلمه ومفسره وحافظه والمقاتل من أجله قال (ص): (أنا أقاتل على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويله) وقد استشهد من أجل تحقيق أهداف القرآن الكريم.
إن الله تعالى يأمرنا أن نتدبر في آيات القرآن وأن لا نفسره من منطلق الهوى والميل النفسي بل على أساس المعرفة الكاملة التامة لأنه مليء بالأسرار الإلهية وهو الكتاب الذي لم ينزل لجيل معين بل لكل الأجيال إلى يوم القيامة فلا بد من أن تبقى عظمته وجاذبيته خالدة بخلوده وتبقى أسراره وغوامضه موجودة فيه فهو مثل الشمس والقمر يتحرك تحركهما له ظاهر أنيق وباطن عميق فكان قلب أمير المؤمنين عليه السلام خزانة أسرار القرآن ومعقل فهمه والتدبر فيه أباح منه لمن استوعب ذلك وأودع الكثير من أسراره لدى أهل بيته واحداً واحداً.
فسلام الله عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت ويوم جاهدت في الله حق جهاده ونصحت لله ورسوله وجدت بنفسك صابراً محتسباً مجاهداً عن دين الله موقياً لرسول الله طالباً ما عند الله راغباً فيما وعد الله ومضيت فيما كنت عليه شهيداً وشاهداً ومشهوداً فجزاك الله عن الإسلام ورسوله وأهله من صديق أفضل الجزاء. أشهد أنك كنت أول القوم إسلاماً وأخصلهم إيماناً وأشدهم يقيناً وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله (ص) وأفضلهم مناقب وأكثرهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه فقويت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وقمت بالأمر حين فشلوا ومضيت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وفقوا فمن اتبعك فقد اهتدى، كنت أولهم كلاماً وأشدهم خصاماً وأصوبهم منطقاً وأسدهم رأياً وأشجعهم قلباً وأكثرهم يقيناً وأحسنهم عملاً وأعرفهم بالأمور كنت بالمؤمنين أباً رحيماً إذ صاروا عليك عيالاً.
والسلام عليك يا امير المؤمنين يوم ولدت في بيت ربك ويوم عشت بين امة جهلت مقامك ومنزلتك ويوم استشهدت في محرابك بالكوفة وانت تصلي لربك ويوم تبعث يوم القيامة وانت تقف على نهر الكوثر تسقي من سار على نهجك نهج الإسلام والتزم بمبادئه وطبق احكامه، ورحمة الله وبركاته.