17 ذو الحجة 1440هـ nn

بسمه تعالى
((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً))

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه اجمعين محمد واله الطاهرين، والحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية علي أمير المؤمنين والائمة الطاهرين (ع).

جاءت هذه التهنئة المباركة لعموم المسلمين بمناسبة عيد الله الاكبر، يوم عيد الغدير الذي أكمل الله فيه النعمة واتم فيه الدين بالولاية لعلي أمير المؤمنين (ع)، يوم نزول قوله تعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً))، هذا اليوم المسمى في السماء بـ(يوم العهد المعهود) وفي الأرض (يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود) وهو عيد الله الاكبر وعيد ال محمد، هو يوم الإبلاغ ويوم كمال الدين وتمام النعمة. وقد دون الشيخ الأميني (قده) في موسوعته (الغدير في الكتاب والسنة والأدب) تفاصيل هذه الواقعة من كتب عديدة بلغت ثلاثين مصدرا من أمهات كتب جمهور المسلمين ولم يترك شاردة او واردة تتعلق بهذا اليوم الا وذكرها، ومنها ما ذكره جلال الدين السيوطي في تفسيره (الدر المنثور 2/298) بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية ((يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك)) على رسول الله (ص) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب ، وروى عنه أيضاً أنه قال في (2/259) (لما نصب رسول الله (ص) عليّا يوم غدير خمّ فنادى له بالولاية هبط جبرئيل بهذه الآية (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)) . وروى الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد 8/284) والحافظ الحسكاني في (شواهد التنزيل 1/200) وابن عساكر في (تاريخ دمشق 42/284) وغيرهم بأسانيد متعددة عن أبي هريرة قال : من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خمّ . لمّا أخذ النبي (ص) بيد علي بن أبي طالب فقال: ألستُ ولي المؤمنين، قالوا: بلى يارسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر ابن الخطاب بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله عز وجل ((اليوم اكملت لكم دينكم )).

ولهذا يعتبر هذا العيد من أفضل الأعياد الإسلامية، ويستحب فيه زيارة أمير المؤمنين (ع) بالزيارة المخصوصة التي تعتبر من أوثق الزيارات المروية عن عاشر أئمة المسلمين الإمام علي الهادي (ع)، لاشتمالها على النصوص الكثيرة التي تثبت للزائر مقامه (ع) وفضله وجهاده ودفاعه عن الإسلام والذي لولاه لما بني الدين ولما استقام عوده، ولذا يقول ابن ابي الحديد المعتزلي:

بنـــي الديــن فــاستقــام ولـولا           ضرب ماضيك ما استقام البناء

ومن المؤسف ان المسلمين تجاهلوا اهمية هذا اليوم فتراهم يمر عليهم هذا العيد مرور الكرام دون ان يحتفلوا به كما ينبغي. ولو التزم المسلمون بهذا الميثاق العظيم لما تفرقوا و تشتتوا وتسلط عليهم الأعداء. واعظاما لهذه المناسبة وتخليدا لها نهنئ المؤمنين بهذا اليوم الذي قام فيه الرسول الأعظم (ص) بوضع خطّة الاستمرار للرسالة الاسلامية بعد ان أنهى مرحلة التأسيس لها، شأنها في ذلك شأن السابقين من الأنبياء والمرسلين مامضى منهم أحد إلا وعهد بمهمته الإلهية إلى وصيٍ مرتضى ليقوم بالأمر بعده وليطمئن بأن الشريعة باتت بيد أمينة تحفظها من كل سوء يراد بها وتحميها من كل هجوم يُشنّ عليها من كافر محارب أو منافق مشاغب، وتحرسها من عدو خارجي يهدد كيانها وداخلي يحاول تحريف مفاهيمها ومضمونها. فهذا اليوم: هو يوم ضمانة البقاء للاسلام ويوم إرشاد الأمة الى صمّام الأمان وبوصلة المسيرة الاسلامية و معيار الحق ، يوم الإرشاد الى إمامة وخلافة مولى الموحّدين أمير المؤمنين علي بن ابي طالب لذا كان حقاً عيد الله الاكبر ، فالجمعة والأضحى والفطر هي أعياد لكنها ترتبط بفروع الدين من الصلاة والحج والصيام، وهذا اليوم يرتبط بأصل الدين وكيانه واستمراره، لذا روي عن مولانا الصادق جعفر بن محمد (ع) أنه سُئل هل للمسلمين عيد غير الجمعة والأضحى والفطر؟ قال (ع): نعم أعظمها حرمة . قال الراوي : أيُّ عيد هو؟ قال (ع) : اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين (ع) وقال : من كنت مولاه فعليٌ مولاه وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة. قال الراوي: وماينبغي لنا ان نفعل في ذلك اليوم. قال (ع): الصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام. وأوصى رسول الله (ص) أمير المؤمنين (ع) أن يتخذ ذلك اليوم عيداً.

فلذا نستقبل عيد الولاية مجددين البيعة لامامنا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) و للمرجعية العليا بقلوب ملؤها الإيمان بالسير على نهجه الذي رسمه للمسلمين .

هذا لا ننسى بان هذه المناسبة الكريمة تزامنت مع هذه المناسبة مناسبات اخرى تخصه (ع) كيوم تصدقه بالخاتم، ونزول آية الولاية في حقه، ويوم المباهلة، ونزول سورة (هل اتي) في فضل أهل البيت (ع)، لذا يجدر بالمسلمين ان يأخذوا من هذه الوقائع التاريخية العضات والعبر لتكون زادا لحاضرهم ومستقبلهم ولغرس روح الولاء والمحبة لأهل بيت النبوة (ع) في نفوس أبنائهم، فإن ولاءهم هو الضمانة الحقيقية التي تسعدهم دنيا واخرة. ولذا قال النبي (ص) (مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق).

نسأل المولى سبحانه ان يجعلنا من المتمسكين بولاية امير المؤمنين وهل بيته الطيبين الطاهرين وان يحشرنا معهم يوم القيامة إنه سميع مجيب

اترك تعليق