ممثل المرجعية يحث المسلمين في العالم على الاستفادة من المائدة الربانية (القرآن) بعقد الجلسات القرانية في البيوت والمؤسسات والمراكز الاسلامية في هذا الشهر

• على المسلمين في العالم الاستفادة من المائدة الربانية (القرآن) بعقد الجلسات القرانية في البيوت والمؤسسات والمراكز الاسلامية في هذا الشهر
• البيت الذي يُقرأ فيه القران ويُذكر الله فيه، تكثر بركته
• القرآن عهد الله الى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم ان ينظر في عهده وان يقرأ منه في كل يوم خمسين اية
• على المسلمين ان يأخذوا القرآن ويتفهموا معانيه ومضامينه الشريفة واحكامه وتفسيره من النبي (ص) ومن اهل بيته (ع) لقوله تعالى ((فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ)) ولقوله (ص) (اوصيكم بكتاب الله وعترتي)
• ان ازدياد حالات القتل والانتحار والجريمة في الغرب مرده الى عدم وجود ما يقنع نفوسهم واذهانهم ويشبع ارواحهم، فلو ترشحت رشحة من رشحات القرآن ببيان يتناسب ولغة العصر لأنجذبت اليه القلوب وامنت به
6 رمضان 143هـ

جاء حديث سماحته هذا تعليقا على بعض مضامين خطبة الرسول (ص) في شهر رمضان، ومنها الحديث عن تلاوة القران بقوله

(ومن تلا فيه آيةً من القرآن، كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور)

لان شهر رمضان هو ربيع القران وموسمه لنزوله فيه ((شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ)) فعلينا ايها المؤمنون المبادرة والمسارعة الى تلاوة ما امكن من اياته وسوره بتدبر وتأمل، تلاوة مقرونة بالعمل والتطبيق لاحكامه، لأن القران كما يقول امير المؤمنين (ع) (نورا لا تطفأ مصابيحه ، وسراجا لا يخبو توقده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنهاجا لا يضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوءه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهدم أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزا لا تهزم أنصاره ، وحقا لا تخذل أعوانه ، فهومعدن الايمان وبحبوحته ، وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه ، وأثافي الاسلام وبنيانه ، وأودية الحق وغيطانه ، وبحر لا ينزفه المنتزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون ، ومناهل لا يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون ، وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام لا يجوز عنها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتم به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ، ومطية لمن أعمله ، وآية لمن توسم ، وجنة لمن استلام ، وعلما لمن وعى ، وحديث لمن روى وحكما لمن قضى).

واضاف سماحته بأن الله سبحانه وتعالى انزل القران للبشرية حتى تستفيد منه وتهتدي بهداه لما حواه من اعجاز في لغته واسلوبه وطرائق توجيهاته وارشاداته في العبادات والاخلاق واصلاح النفوس، اضافة الى توجيهاته في نواحي الحياة الخاصة والعامة، وفي تنظيم الاسرة والحقوق والواجبات وفي كل ما يهم الفرد والمجتمع.

ولذا فأن الاهتمام بتعلم القران ودراسته وحفظه يعد الاساس الذي تستقيم به حياتنا حاضرا ومستقبلا لمعالجة قضايانا الاجتماعية والنفسية والروحية للانسان.
و كلنا يعلم بمدى أهمية القرآن الكريم في حياة كل فرد مسلم ومؤمن بالله الواحد ولكن هناك أشياء كثيرة نجهلها ، ربما لقصر علمنا أو لعدم انتباهنا ، فلو نظرنا مليا إلى هذا الكون سنرى كيف يسير بانتظام وتوازن فلا الشمس تسبق القمر ولا الليل يأخذ مكان النهار ، الكل سائر ويؤدي الدور الذي عليه دون الاعتداء على الآخر، لكن إذا نظرنا إلى الحياة البشرية نجدها العكس تماما ، لأن في حياة البشر طباع لا تشبه بعض وعوامل بيئية ودينية مختلفة ، فهذا يقتل هذا وهذا يطغى على هذا، وتملأ الأنانية القلوب إلا من كان له قلب رشيد وعقل واع ، معظم البشرية تعيش وكأنها في غابة تقطنها الذئاب والحيوانات المفترسة ، والبقاء فيها للأقوى ، وهذه غريزة حيوانية ، لأن الحيوان لا يمتلك عقلا يفكر به. أما الإنسان فقد كرمه الله تعالى بالعقل ولكن ما نراه واقعا أمامنا من فوضى وحروب وانحراف ، يجعلنا نتساءل أين عقل الإنسان..؟ ثم نتساءل أين إنسانية الإنسان..؟ ثم نتساءل أين إيمان الإنسان ..؟
فسبب الاقتتال والأنانية وكل الشرور الحاصلة على الأرض هي أن البشر تخلوا عن عقيدة الإيمان وابتعدوا عن طريق الهداية،التي أرادها الله لهم لتكون قلوبهم سليمة ونفوسهم زكية ، هذا الإيمان الذي أرسل الله رسلهم من أجل تبليغه للبشر ليحفظ كيانهم وإنسانيتهم من الضياع والانحراف، وليعيشوا على الأرض بمحبة وصفاء .
وقد أرسل الله تعالى رسله برسالات هادية إلى البشر ، لكنهم لم يسمعوا ولم يكترثوا لما جاء به الرسل ، إلا قليل منهم. حتى بعث الله تعالى آخر رسله محمد عليه الصلاة والسلام ، رحمة وهداية للناس أجمعين، وأنزل القرآن الكريم ليكون حياة فاضلة للبشرية ، فيسود الأمن والأمان في كل الدنيا. وقد عاشت أمة الإسلام أياما وشهورا جميلة وسنوات خصبة من الإيمان ، حين كانوا متمسكين بالقرآن الكريم والعمل به، فتحوا الدنيا بعلمهم وأخلاقهم وأقاموا حضارة بقيت شاهدة على نبلهم و حسن إيمانهم إلى يومنا هذا وستبقى إلى يوم الدين. ذلك لأن القرآن الكريم يهذب النفوس ويرفعها من طين الأرض إلى روح السماء، ويسمو بها ويرتقي من أسفل إلى أعلى .

وقد قال تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة مبينا لنا أهمية القرآن الكريم في حياتنا ((الم، ذلِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِلمُتَّقينَ، الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ، وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ، أُولئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ)) فالقرآن الكريم له دور كبير في حياتنا حيث أنه يهذب نفوسنا ويزكيها ويطهرها من الذنوب والخطايا. ويدفعنا نحو الفضائل ومحامد الأخلاق. فحين نفهم القرآن ونتعلمه ونعرف أحكامه ورسالته سنكون أسعد الناس وأفضلهم ، لأن بالقرآن سنقوي صلتنا بالله تعالى ونفوز برضاه، هذه الصلة التي تدفعنا نحو الإحسان لوالدينا وبرهما ، والرحمة بالضعفاء والرأفة بالمساكين والمحتاجين ، وصنع الخيرات .. وكذلك يعلمنا كل الأخلاق الحسنة من أمانة وصدق وتواضع ومحبة وإحسان وتسامح .. وكلها مصابيح تضيء طريقنا نحو الواحد الأحد ، فتمنحنا رضاه سبحانه وتعالى. بالقرآن نحيا حياة سعيدة وفي القرآن نجد الحياة السعيدة ،لأنه يهدي للطريق القويم ، وحين نتمسك به تنالنا رحمات المولى، فقد جاء في قوله تعالى في سورة الإسراء: ((إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)) وعلينا ان نحفظ القران ونحفّظه ابناءنا ليكونوا جيلا قرانيا، ويكفي لحافظ القرآن شرفا وعلوا أن يكون القرآن حافظاً له في الدنيا والآخرة فيقال له يوم القيامة اقرأ واصعد في درج الجنة فمنزلك عند أخر آية تقرأها من القرآن.

وما أكثر الاحاديث الواردة عن أئمة الهدى (ع) وعن جدهم الاعظم (ص) في فضل تلاوة القرآن.
فعن رسول الله (ص) (من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).
وعن الامام الباقر (ع) قال (قال رسول الله (ص): من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة أية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين ، ومن قرأ خمسمائة أية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر … ).
وعن الامام الصادق (ع) قال (القرآن عهد الله إلى خلقه ، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده ، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية) وقال (ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فيكتب له مكان كل آية يقرأها عشر حسنات ، ويمحى عنه عشر سيئات) وقال (عليكم بتلاوة القرآن ، فإن درجات الجنة على عدد آيات القرآن ، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن : إقرأ وارق ، فكلما قرأ آية رقى درجة). وقد جمعت كتب الاصحاب من جوامع الحديث كثيرا من هذه الآثار الشريفة، فمن أرادها فليطلبها.

وقد دلت جملة من هذه الآثار على فضل القراءة في المصحف على القراءة عن ظهر القلب. ومن هذه الاحاديث قول اسحق بن عمار للصادق (ع) (جعلت فداك إني أحفظ القرآن عن ظهر قلبي فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف قال : فقال لي : لا. بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل. أما علمت أن النظر في المصحف عبادة ). وقال (ع) (من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره ، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين).

وقد جاء ايضا (إن البيت الذى يقرأ فيه القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضئ لاهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لاهل الارض ، وان البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ، ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين).

كما اشار سماحته الى ان بركات القران لا تقتصر على هذه الامور التي ذكرناها، وانما هي بركات لا نهاية لها، ففي القران وبالقران توجد العزة والقوة والتقدم والرفاه المادي والعلو المعنوي ونشر الفكر والعقيدة وسكينة الروح ((فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها))، وحين تحل الطمأنينة والهدوء والسكينة الدينية تزداد التقوى ((هُوَ الَّذي أَنزَلَ السَّكينَةَ في قُلوبِ المُؤمِنينَ لِيَزدادوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِم)) لان السكينة تؤدي الى ازدياد الايمان يوما بعد اخر، الا وهو الايمان بالله والايمان بالقدرة الالهية ((وَلِلَّهِ جُنودُ السَّماواتِ وَالأَرضِ)) فكل شيء هو جند الله ((وَما يَعلَمُ جُنودَ رَبِّكَ إِلّا هُوَ)).

هذا هو القران، فيه قدرة فائقة لا متناهية، والواجب علينا ان نستفيد منها بمقدار طاقتنا ووسعنا، لان العالم اليوم بحاجة الى القران سواء قًبِل واعترف بذلك ام لم يعترف، لانه يعيش اليوم فراغا في هويته، فراغا في فكره وايمانه، لان الانسان من دون ايمان كالفاكهة الخاوية الفارغة في داخلها، وما نشاهده اليوم من الازدياد في القتل والجريمة وحالات الانتحار في البلدان الغربية يوما بعد اخر مرد اسبابه الى ان البشرية لم يعد عندها من فكر اصيل ما تعرضه لاقناع اذهان الناس وقلوبهم واشباع ارواحهم، فانهم يقولون وينسجون الاقاويل ولا تنفذ اقوالهم الى القلوب، على خلاف القران ان انتشرت رشحة من رشحاته ببيان يتناسب مع لغة العصر عندها تنجذب اليه القلوب، وهذا ما رأيناه وجربناه بانفسنا، وان نتعلم لغة نشر القران بالطريقة التي نشرها رسول الله (ص) واهل بيته (ع) الكرام، لان القران شافّع مشفع، ماحل مصدّق، وان نجعله اماما وقائدا لنا لقوله (ص) (من جعله امامه قاده الى الجنه، ومن جعله خلفه قاده الى النار) ((إِنَّ هذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا))

اترك تعليق