العلامة السيد مرتضى الكشميري يقول:
• دعامتان مهمتان ابقيتا التشيع وسيبقى حتى ظهور قائم ال محمد: (الشعائر الحسينية والمرجعية الدينية)
• من المؤسف ان يتغاضى الاعلام العالمي عن نشر اخبار زيارة الاربعين التي فاقت بعدد حضّارها عدد حجاج بيت الله الحرام باكثر من خمس مرات
19 صفر 1441هـ
صلى ممثل المرجعية العليا في اوروبا سماحة السيد مرتضى الكشميري صلاة الجمعة في العاصمة الرومانية بخارست وذلك بحضور جماهير المسلمين في مركز الزهراء الثقافي والاجتماعي الاسلامي وقال في خطبته:
1- الشعائر الحسينية بشقيها (المجالس الحسينية وزيارة الحسين (ع))
2- المرجعية الدينية على طول الزمان
اما الشعائر فتمثلت باحياء المجالس الحسينية التي كانت ولا تزال وستبقى هي المنار الرفيع في نشر الفكر المحمدي عبر العصور، ولهذا ورد التاكيد من الائمة الاطهار (ع) على اقامتها واحيائها في كل زمان ومكان.
وتلقى اتباعهم اهل البيت (ع) هذه التوجيهات خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل بمختلف قومياتهم ولغاتهم، فلا تكاد تخلو بقعة من هذا العالم الا وهي تحيي هذه الشعيرة وتقوم من خلالها بنشر علوم ال محمد (ع) حتى يتنور العالم بنور علمهم واخلاقهم وسيرتهم، وهذا هو سر التمسك بهم وبالكتاب، لقوله (ص) (اوصيكم بكتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا).
ان ما يذكر في هذه المجالس ما هي الا دروس من القران الذي هو النور والهداية والموعظة للبشرية ((وهذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين)) وسيرة العترة الطاهرة واخلاقهم التي لم يخرجوا فيها عن سيرة الانبياء (ع) وسيرة جدهم النبي المصطفى (ص) وهدي الاولياء الصالحين، فما تكاد ترى خطيبا يرقى المنبر في هذه المجالس في شرق الارض وغربها الا ومنهجه ونهجه هو هذا، الذي به يهدي العباد الى الصلاح والرشاد.
واما الشق الثاني لاستمرار بقاء التشيع فهو زيارة الامام الحسين (ع) التي حث عليها الائمة الاطهار (ع) في مختلف العصور رغم علمهم بالمخاطر البدنية التي تحيط بالزائرين ومع ذلك كانوا يشجعون عليها ويدعمونها باحاديثهم وادعيتهم المباركة ومنها دعاء الامام الصادق (ع) (اللهم يا من خصنا بالكرامة ، وخصنا بالوصية ، ووعدنا الشفاعة ……. اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا ، وخلافا منهم على من خالفنا ، فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبدالله ، وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم الصرخة التي كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الانفس ، وتلك الابدان حتى توافيهم على الحوض يوم العطش) ولما اسكثر معاوية ذلك على زوار الحسين قال له الامام الصادق (ع) (من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الارض) .
ومن دعاء الامام (ع) هذا ومساندته لزيارة ابي عبد الله الحسين (ع) وزواره يتضح لنا بان هذه المسئلة ليست مسئلة استحباب وانما الزيارة تمثل جانبا من جوانب العقيدة والتحدي للباطل والظلم والاضطهاد وتمثل ركنا من اركان المذهب وهو (الامامة) فلذلك كانوا يدفعون شيعتهم الى مواصلة هذا العمل وتشويقهم ليكونوا على تماس مباشر مع القيم والمثل، لان الحسين كان يجسد الاسلام والقران، نعم الحسين كجسد استطاعت الحراب الاموية ان تمزقه بحوافر الخيل واستطاعت رماحهم ان ترفع راسه واستطاع البغي والاجرام الاموي ان يمثل بجسده لكنهم لم ينالوا من فكر الحسين (ع) وعقيدته ومبادئه لان المبادئ والفكر لا يموت ولا يمزق. ولهذا اعتبر البعض بان الحسين (ع) ولد يوم سقوطه على رمال كربلاء.
ويموت الرسول جسماً ولكن في الرسالات لن يموت الرسول
لان الرسالات تبقى متوهجة ومشعة برغم التضييق والخناق عليها من السلطات الغاشمة عبر التاريخ، وتصورت بنو امية بانها خنقت صوت الحسين في حفرة من الارض اسمها قبر الحسين لكن الحسين تمرد على القبر وتمرد على التربة وتمرد على الارض وتمرد على كربلاء وتمرد على الدنيا ليصبح الاشعاع العالمي والنور القائم المستطيل للعالم. نعم طوقوا كربلاء وحاصروها ووضعوا المسالح والعيون لئلا يتسلل شيعي ويقف على قبر الحسين ليجدد العهد به ويستلهم منه روح البطولة والتضحية، وما اكتفوا بهذا بل حاربوها بمختلف الاساليب وعبر مختلف القنوات، وارادوا محو خارطة كربلاء فحرثوا المنطقة باكملها واجروا الماء على قبر الحسين (ع) فحار واستدار ومنه سمي بـ (الحائر الحسيني)، كما قطعوا السدرة التي كان يستظل بها الزائرون من حرارة الشمس، ثم اجلوا سكان كربلاء وحرثوا المنطقة برمتها، ومنعوا الزيارة بشكل رسمي فلم تنقطع الناس عن زيارته ومع ذلك كانت الناس تتوجه الى زيارته فحاربوها عقائديا وقالوا ان زيارة الحسين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كما حاربوها طائفيا باستغلالهم عواطف المجتمع البريء فكانوا يأتون ويخاطبون من يريد الزيارة اتعلم ما يقول الشيعة لما يقفون على قبر الحسين (ع)؟ انهم يشتمون الصحابة وهي فرية ما بعدها فرية ومعاذ الله ان يفعل الشيعة ذلك، نعم اذا كانوا يعتبرون ان من الصحابة عمر بن سعد و شمر بن ذي الجوشن و شبث بن ربعي الذي بنى مسجدا فرحا بقتل الحسين !، فمثل هؤلاء وغيرهم نتبرء ويتبرء الصحابة والمسلمون منهم.
هذا ومع كل هذه الارهاصات والمخاطر كانت الناس تتوجه الى زيارة ابي عبد الله الحسين (ع) لانه رمز الصلاح والتضحية والفداء لكل احرار العالم، ونرى هذا الحب التصاعدي يزداد في كل سنة في قلوب المؤمنين ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)) وفي الزيارة (وجعل افئدة من الناس تهوي اليكم).
وما اشبه اليوم بالبارحة حيث الجماهير المليونية تتجه الى صوب كربلاء من اقاصي الدنيا شيبا وشبابا ورجالا ونساءا واطفالا مشيا على الاقدام دون ادنى ان يصيبهم ملل او كلل، حتى يكونوا جميعا على تماس مباشر مع الحسين وفكره ومبادئه وقيمه. ومن المؤسف جدا ان نرى تغاضي الاعلام العالمي والعربي والتجاهل المتعمد لهذه التظاهرة المليونية والتي فاق عددها عدد حجاج بيت الله الحرام بخمس مرات والتي تظهر منها قوة المسلمين التي تطلق الاشارات الرافضة للظلم والاستكانة للحاكم الجائر ايا كانت هويته، والى هذا اشارت صحيفة الاندبندنت البريطانية وقالت ان هذا التجمع الديني يفوق مهرجان (كوم ميلا) لانه يحدث مرة كل ثلاث سنوات وان زيارة الاربعين تجري في كل عام في اجواء امنية خطيرة ما يمثل تحديا للارهاب ورسالة (سلمية واصلاحية) الى العالم كله. ومن خلال عرض مقارنات بين التجمهر المليوني في زيارة الاربعين ومشاريع دولية كبيرة مثل المساعدات التي قدمتها بعض الجهات الدولية لضحايا زلازل هاييتي حيث تم توزيع اربع ملايين وجبة طعام (عليهم) بينما نرى في كربلاء توزع 200 مليون وجبة خلال فترة الزيارة وكل ذلك من نفقات المتطوعين والخيرين. ويوجه الكاتب انتقادا لاذعا للاعلام الغربي لتعاطيه المسيس مع القضية الحسينية ويتساءل كيف يتم تغطية مظاهرة صغيرة في لندن او مسيرة لبضع مئات في هونكوك او تجمع محدود في روسيا ويتغاض الطرف عن اعظم تجمهر سلمي في العالم حيث السيبل الجارف من النساء والرجال والاطفال، ويرجع الكاتب هذا التعتيم الاعلامي على زيارة الاربعين الى عدم اكتراث الاعلام الغربي بالقصص الايجابية الملهمة خصوصا فيما يرتبط بمذهب اهل البيت (ع)، كما يشير الى ان الزائر بامكانه ان يجد في المشاة الى الحسين قصصا من الفداء والصبر والتحمل والعطاء وكل مفردات الخلق الرفيع ما يحتوي على مادة ثرية لانتاج افلام ضخمة. (نقلا عن موقع المسلة الاخباري http://almasalah.com/ar/news/42316)
كذب الموت فالحسين مخلد كلما خلد الزمان تجدد
وسيبقى الحسين (ع) ما بقيت الدنيا رمزا للمناضلين والاحرار ونورا يشع سناه الى الابد في الافاق. فسلام الله عليك يا ابا عبد الله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
واما الرافد الثاني فهي المرجعية العليا في العالم الاسلامي التي حفظت لنا التشيع الى هذا اليوم، ومكمن قوتها هو التفاف الشيعة حول موقعيتها، اذا لا توجد قيادة اسلامية جماهيرية نافذة الكلمة في الملايين من المسلمين الا قيادة المرجعية في صفوف الشيعة الامامية، حيث ان لكلمتها في الامر والنهي الموقع الاول في التأثير، وسر هذه القوة يرجع لهيبتها القدسية في النفوس، فهي لدى الامامية امتداد لمقام الامام المعصوم (ع)، واكتساب هذه القدسية ناشئ عن عاملين : الاحاطة بمعارف اهل البيت (ع) والتقوى، ولو كان مقامها منصبا حكوميا او خاضعا للانتخاب الشعبي او مستندا لقوة عسكرية او ثروة مالية او مرتكزا على ابواب اعلامية لما اكتسب هذه القداسة الفريدة التي يقتضي ان يضحي الملايين من الشيعة بانفسهم او اولادهم او اموالهم بمجرد كلمتين يسطرها قلم المرجعية، ولذلك دأب اعداء الدين والمذهب الى الطعن فيها والتشكيك في قداستها ونزاهتها على مدار السنين الاخيرة من اجل اسقاط موقعيتها في النفوس وازالة مكن القوة لهذا المذهب العزيز ولكننا نقول ((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)).