“ممثل المرجعية في أوربا يلتقي بكافة العلماء والمبلغين وأئمة المراكز الاسلامية في المملكة المتحدة

ممثل المرجعية في أوربا يلتقي بكافة العلماء والمبلغين وأئمة المراكز الاسلامية في المملكة المتحدة ويقول:
• يواجه الاسلام المحمدي الاصيل اليوم هجمة فكرية وعسكرية لتشويه هويته العقائدية والثقافية.
• يناشد العلماء والمبلغين في العالم الاسلامي بأن مسؤليتهم الشرعية في الوقت الراهن جلب الشباب وتقريبهم وتغذيتهم بجوهر العقيدة من خلال الالتزام بالقران والسنة المطهرة والاخذ بمنهج العترة الطاهرة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
• على العلماء والمبلغين ان يركزوا على الوحدة الاسلامية بين المسلمين ففيها سر وجودهم.
• المراجع العظام هم رواد الوحدة الاسلامية والامام السيستاني (مد ظله) نموذج هذا العصر.
جاء حديثه هذا بمناسبة قرب ذكرى ولادة الامام الثاني عشر (عج) وقرب حلول شهر رمضان المبارك حيث اللقاء السنوي بعموم أئمة المراكز الاسلامية في بريطانيا والمبلغين فيها، واستهل حديثه بقول الامام موسى الكاظم (ع) الذي قال (فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد).
وعن إمامنا الحسن العسكري (ع) قال: حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله (ص) قال : (أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى).فما اعظم هذا الاجر وما افضل هذه المهمه وما اربح هذه التجارة.

ثم شرح سماحته مضمون الحديثين بأيجاز واوضح ما فيهما من دلالة واضحة وبينة من مسؤولية العلماء والمبلغين في زمن الغيبة بأن يربوا الجاليات الاسلامة لاسيما الشباب منهم، وهدايتهم الى جادة الشريعة وبيان جوهر العقيدة لهم، لئلا يضلوا وذلك من خلال ما رسمه لنا الائمة الاطهار (ع) الذين اكدوا على ايصال علومهم الى ايتام ال محمد (ص) فأنهم ان تعلموها احبوها واحبونا واهتدوا الى الصراط المستقيم، لا سيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه الافكار الضالة والمنحرفة التي صارت تشوه عقيدتهم من خلال تسلط ابليس وعفاريته على ضعفاء شيعتنا (كما جاء في الحديث)، ومثاله ما يبث من سموم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، لتشتيت عقيدة ابنائنا، لذا فيجب علينا ان نسلحهم بسلاح الايمان والعقيدة من خلال عقد الندواة والجلسات الاسبوعية لهم في المراكز والموسسات، وتشويقهم بالحضور والتواجد فيها خصوصا الدروس التي تعقد في عطل نهاية الاسبوع، او السفرات الترفيهية التي تلقى من خلالها المحاضرات النافعة لتحصّنهم من الافكار المنحرفة.

وقال مخاطبا الحاضرين: هذه هي مسؤليتكم الشرعية التي ستحاسبون عليها يوم القيامة ان قصّرتم في حق الشباب، لان الحديث الوارد عن المعصوم (ع) (بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة) وهي فرقة ضالة كان تضل الناس عن طريق الهدى، كما وحث النبي (ص) بالمبادرة الى تعليم الابناء، المنهج التربوي المحمدي الرصين لقوله (ص) (ادبوا ابنائكم على ثلاث، حب نبيكم، واهل بيته، وعلموهم القران). فعلينا ان ننقذ ابنائنا من هذه الضلالات والتوجهات المنحرفة، بتزكية نفوسهم وتهذيب اخلاقهم وصفاء بواطنهم والابتعاد بهم عن الرذائل.

وبهذا جاءت التأكيدات الكثير من الايات الكريمة واحاديث الرسول العظيم (ص) والائمة الهداة الميامين (ع) على حقيقة مهمة وهي ان البشرية لن تنال سعادتها الا بتقويم السلوك وتهذيب النفس، وما المآسي والويلات والمشاكل التي تئن منها البشرية في عصرنا الحاضر الا امثلة لانحطاط الاخلاق والتركيز على المطالب المادية فقط، وهنا تظهر ظرورة التربية الطاهرة القائمة على تهذيب الفرد والمجتمع معا، والخطوة الاولى في هذا المجال تبدء من الاسرة فان قيامها على قواعد المحبة والتآخي والايثار والمثل الفاضلة هو الذي يساعد على خلق مجتمع سائر نحو الفضيلة، وبالعكس فالاسر المتفككه التي تنعدم فيها الاخلاق والفضائل يؤثر سلبا على المجتمع، فلذا يجب على كل شاب او شيخ، رجلا كان او امراة، موضفا كان او عاطلا، يحمل شعار كونه سفيرا للاسلام في بلاد الغرب، وبذلك تكون الدعوه الى مبادئ الاسلام بالعمل والسلوك لا بالكلام الفارغ (كونوا دعاة لنا بغير السنتكم)، وعلينا ان نبث الوعي في شبابنا ونحذرهم من الوقوع في شرك الظلال، وهذا ما تؤكد عليه المرجعية اليوم بتشجيع المؤمنين بالغرب بأنشاء مدارس بأزاء المراكز، يتعلمون فيها عقيدتهم وتاريخهم، ليتسنى الحفاظ على هويتهم الثقافية .

هذا وليعلم الحاضرون بأن الاسلام المحمدي الاصيل يحارب اليوم بأسلوبين خطيرين: فكري وعسكري. الاول : بأن جند الاعداء كادرا من علماء السوء يشوهون حقيقة الاسلام، بتزوير الاحاديث ووضعها على رسول الله (ص)، وذلك عبر القنوات الفضائية والاقلام المأجورة ووسائل التواصل والترغيب والترهيب ونشر الاكاذيب والافتراءات وزرع الشك في نفوس الشباب، مما اصبح البعض منهم يتبراء من كل دين ويلجأ الى العلمانية والديانات الاخرى.

الثاني: (الاسلوب العسكري)، وذلك بزرع الفتن الطائفية واصدار الفتاوى التكفيرية لتحريض المسلمين على التقاتل فيما بينهم، وهذا ما تنفذه الجماعات الارهابية اليوم.

كما اكد سماحته على العلماء الواعين بأن يكونوا حريصين على وحدة المسلمين اسوة بمنهج اهل البيت (ع) وسيرة علمائنا الابرار الذين جسدوا هذا المنهج على مر العصور وتركوا لنا نماذج رائعة كونهم روادا للوحدة والتقريب والتعايش ما بين المسلمين، فكانت تربطهم اوثق العلائق بعلماء المذاهب الاسلامية الاخرى وشخصياتها، مع انه كانت في عصورهم شراذم وفئات ومجموعات تمارس التفرقة والارهاب، ولكن رغم تلك الصرخات النشاز كان هولاء يقومون بما هو ملقا على عواتقهم من مسؤولية اتجاه هذا الدين . ومن هذه النماذج مؤمن الطاق الذي كان متكلما من الطراز الاول وعالما في العلوم العقدية والمعرفية ومن كبار اصحاب الامام الصادق (ع)، وكهشام بن الحكم الذي كان يناظر العلماء بكل موضوعية واحترام جريا على منهج الامام الصادق (ع) الذي كان يستمع الى الراي والراي الاخر ويتبادل معه الفكرة بكل ود ومحبة في سبيل الوصول الى اقناعه بكل شفافية.

وقد استمر هذا المنحى حتى عصر الشيخ المفيد (رحمه الله) على الرغم من وجود من كان يفجّر دوائر الفتن في ذلك العصر حتى ضرب الشيخ وطرد من مسجده وهدمة البيوت واضرمت النيران بالكرخ من بغداد ومع كل هذا الاسلوب المتدني كان الشيخ (رحمه الله) مستمرا في هذا التواصل الفكري وفي تلك الابحاث العلمية، ومثله الشيخ الطوسي والعلامة بن المطهر الحلي في مناقشاتهم المهذبة مع من كان يخالفهم في الراي حتى اهتدى من اهتدى وبقي من بقي دون ان يؤثر على المودة فيما بينهم ويفصم عرى الوحدة الاسلامية، لان الاختلاف في الراي لا يفسد في الود قضية.

ولا ننسى في هذا المجال السيد شرف الدين في محاوراته البناءة مع الشيخ سليم البشري الذي كان انذاك يتصدى مشيخة الازهر، وفي الوقت الحاضر نرى مواقف سماحة السيد السيستاني (مد ظله) واضحة وبينة حتى اعترف بها القريب والبعيد، الا وهي الحفاظ على وحدة المسلمين والدعوة الى الالفة والمودة، منزلا اخوانه الاخرين منزلة النفس (لا تقولوا اخواننا السنة بل قولوا انفسنا) وقوله دام ظله (قولك لاخيك المسلم “اني احبك” ينبت المحبة في قلبه) ، وهذا هو الاسلوب الامثل بسلوك الجادة الوسطى التي هي السبيل السوي للحفاظ على تماسك الامة بكافة اطيافها، مبتنيا على التقارب والتكاتف، مما كان سببا لحقن دماء المسلمين ووضع الامور في مواضعها الصحيحة عملا بقوله تعالى ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)).
وقد اخبرني بعض الساسة بقوله (لو وجِد في العالم عشرة مثل السيستاني في سياسته وحكمته وحنكته لكان العالم بخير).

هذا واسال المولى سبحانه وتعالى ان يوحد كلمة المسلمين ويؤلف ما بين قلوبهم ضد خصومهم من الكافرين والمنافقين انه سميع مجيب، كما اساله تعالى ان يحفظ لنا حوزاتنا العلمية مكللة بتاج مراجعها العظام حفظهم الله وحفظكم من كل سوء وشر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

اترك تعليق