لمشاهدة الصور إضغط هنا

ممثل المرجعية في اوربا يقول:ـ

طرحت مدرسة اهل البيت (ع) بأجماع شخصية ابي طالب شخصية ايمانية كونه من الذين اووا رسول الله (ص) ونصروه لقوله ((وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً)) وقوله ((أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى))

28 رجب 1437هـ
جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة ببرلين مبتدأ بمقطع من الاية 74 من سورة الانفال ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) وقوله تعالى ((أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى)) قائلا :

لقد كان ابو طالب شخصية ايمانية كما طرحته مدرسة اهل البيت (ع)، لأنه حامي النبي (ص) وناصره، ويتضح لنا هذا الامر من خلال اقوال النبي (ص) والائمة (ع)، وانه رجل مؤمن، وانما كتم ايمانه ليتمكن من ذلك الدفاع عن النبي (ص) وهو كمؤمن ال فرعون، ولو كان رضوان الله عليه يظهر ايمانه وعقيدته بالرسالة الاسلامية ما كان يستطيع ان يقف مدافعا ومحاميا بتلك القوة عنه خصوصا وان العقيدة السائدة في قومه والتي لا تقبل النقاش عليها هي عبادة الاصنام والاوثان.

وتتضح لنا هذه الحقيقة الايمانية من جهتين: احاديث المعصومين (ع) وشهاداتهم بايمانه، ومواقفه الجهادية في الدفاع عن الرسالة والرسول (ص).

الجهة الاولى: الاحاديث. ومنها :

1- قول رسول الله (ص) الذي روته الخاصة والعامة (لا شفعن لعمي ابي طالب شفاعة يتعجب منها اهل الثقلين)، والسؤال كيف يشفع رسول الله (ص) لرجل غير مؤمن برسالته !

2- عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: نزل جبرئيل (ع) على النبي (ص) فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك. فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطلب ، والبطن الذي حملك آمنة بنت وهب ، وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب. وزاد في رواية: وفاطمة بنت أسد.). فبنص هذا الحديث ان جسد ابا طالب محرم على النار، ولو كان كافرا لما كان هذا الضمان الالهي الذي ينزل به جبرئيل على النبي (ص) ويبرء عمه من النار.) فبنص هذا الحديث ان جسد ابا طالب محرم على النار، ولو كان كافرا لما كان هذا الضمان الالهي الذي ينزل به جبرئيل على النبي (ص) ويبرء عمه من النار.

3- قول الامام علي (ع) (والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط).

4- وقال (ع) (كان واللهِ أبو طالب عبدُ مناف بن عبد المطلب مؤمناً مسلماً يكتم إيمانه، مخافةً على بني هاشم أن تنابذها قريش).
وقال الشيخ الصدوق (قده) اعتقادنا بأن اباء النبي (ص) مسلمون من ادم الى ابيه عبد الله ، وان ابا طالب كان مسلما، وامه امنة بنت وهب كانت مسلمة ايضا.

5- وسأل الامام الصادق (ص) بعض اصحابه (قال: يا يونس ! ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون : هو في ضحضاح من نار يغلي منها اُمّ رأسه فقال: كذب أعداء الله، إنّ أبا طالب من رفقاء النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن اُولئك رفيقاً).

6- وعن أبي بصير ليث المرادي، قال قلت لأبي جعفر(ع): سيّدي! إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه، فقال(ع): كذبوا والله إنّ إيمان أبي طالب لو وضع في كفّة الميزان وإيمان هذا الخلق في كفّة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم) وقال الامام الصادق (ع) (قال: أتى جبرائيل في بعض ما كان عليه، فقال: يا محمّد! إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول لك: إن أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرّتين ، وإن أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك فأتاه الله أجره مرّتين).

هذا واجماع علماء الامامية على ايمانه، ووافقهم على ذلك جمع من علماء السنة والزيدية بل وبعض من شيوخ المعتزلة وجماعة من الصوفية ايضا.
اما ابن ابي الحديد المعتزلي فيقول بما مضمونه: لا ادري ماذا اقول اذا جئت الى مواقف ابي طالب وجهاده، اراها عين الصواب ولا تصدر الا من انسان مؤمن بالرسالة، وان جئت الى موقف السلف رأيتهم على خلاف ذلك فلذا قلت:

فــلـولا أبــو طـالـبٍ و ابـنُـهُ لَـمـا مَـثُـلَ الـدّينُ شَـخْصَاً فَـقاما
فَــهـذا بِـمَـكّـة آوى وَحــامـى وهــذا بِـيَـثربَ شــامَ الـحُـساما
تَـكَـفَّـل عَــبـدُ مُــنـافٍ بــأَمْ ر وأودى وَكـــانَ عَـلـيٌّ تَـمـاما
فَـقُـلْ فِــي سَـبيلِ ثـوى بَـعْدَ مـا قَـضَـى مــا قَـضاهُ وأبْـقى شُـماما
فَــلـلَّـه ذا فــاتِـحـاً لِـلْـعُـلى وَلــلــه ذا لِـلْـمَـعالي خِـتـامـا
وَمــا ضَــرَّ مَـجـدَ أبـي طـالِبٍ جَـهُـولٌ لَـغـا أو بَـصـيرٌ تَـعـاما
كَـمـا لا يَـضـرُّ إيــابَ الـصَّـبا حِ مَـنْ ظَـنَّ ضَـوءَ الـنَّهار ظَـلاما

وقد ذهب بعض علماء الازهر الشريف بأن دعوى كفر ابي طالب اقل ما تفرزه ايذاء رسول الله (ص) وايذاؤه (ص) كفر.
وهناك العشرات من الاحاديث الواردة من النبي (ص) والائمة (ع) في تقييم شخصية ابي طالب واعتبارها شخصية ايمانية وقفت لتدافع عن الرسالة ورسولها (ص).

الجهة الثانية التي تثبت ايمان ابي طالب: مواقفه الجهادية للدفاع عن النبي (ص) وصد المشركين وغيرهم عنه، والمحافظة عليه.

أ‌- وهذا المعنى لا ينكره حتى اولئك الذين لا يعتقدون بأيمان ابي طالب كشخصية ايمانية، ولكنهم يقولون كان محاميا ومدافعا عن رسول الله (ص) وناصرا له ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)).
وهل هناك حماية ونصرة للدعوة ابرء من نصرة ابي طالب لرسول الله (ص)، علما بأن هذا الرأي لم يكن هو الرأي السائد عند الكل في مدرسة المسلمين بل هناك من يعتقد خلاف ذلك بحجة ان النطق بلفظ الشهادتين لا يعتبر شرطا في اعتناق الأسلام، فالناطق بمضمونها شعرا او نثرا دالا عليها بالعمل يكون كافيا لاسلامه وايمانه، وهذا هو حاصل من مواقف ابي طالب وشعره المعروف ، ففي مقطوعة شعرية له فيها احد عشر شاهدا على تبنيه الاسلام :

1ـ ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتبِ
2ـ نبيّ أتاه الوحي من عند ربّه ومن قال لا يقرع بها سنّ نادمِ
3ـ يا شاهد الله عليّ فاشهدِ إنّي على دين النبيّ أحمدِ
4ـ يا شاهد الوحي من عند ربّه إنّي على دين النبيّ أحمد
5ـ أنت الرسول رسول الله نعلمه عليك نزل من ذي العزّة الكتب
6ـ بظلم نبيّ جاء يدعو إلى الهدى وأمر أتى من عند ذي العرش قيم
7ـ لقد أكرم الله النبيّ محمّداً فأكرم خلق الله في الناس أحمد
8ـ وخير بني هاشم أحمد رسول الإله على فترة
9ـ والله لا أخذل النبيّ ولا يخذله من بني ذو حسب
10ـ قال مخاطباً ملك الحبشة ويدعوه إلى الإسلام:
ليعلم خير الناس أنّ محمّداً رسول كموسى والمسيح بن مريم
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به فكلّ بحمد الله يهدى ويعصم
وإنّكم تتلونه في كتابكم بصدق حديث لا حديث المجمجم
فلا تجعلوا لله ندّاً وأسلموا فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم
11ـ قال مخاطباً أخاه حمزة(رضي الله عنهما)
فصبراً أبا يعلى على دين أحمد وكن مظهراً للدين وفّقت صابرا
نبيّ أتى بالحقّ من عند ربّه بصدقٍ وعزم لا تكن حمزة كافرا
فقد سرّني أذ قلت لبيك مؤمنا فكن لرسول الله في الله ناصرا
وناد قريشاً بالذي قد أتيته جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا

وقوله رضوان الله عليه
ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البرية دينا

الا يكفي هذا دلالة على ايمانه بالرسالة وما جاء به رسول الله (ص) !

ب‌- ان اقدس شيء عند قريش هو عبادة الاوثان والاصنام، وكان ابو طالب يعيش مجتمعه هذه العقيدة وهو ضمن ذلك المجتمع، كيف يترك ذلك الوسط من العبادة ويأتي ويدافع عن النبي (ص)، فاذا كان انسان يعيش هذا المعتقد فمعناه يحكم معتقده ويأتي الى معتقد اخر، وبهذا نكتشف ببساطة انه كان لا يؤمن بهذه العقيدة، انما كان يدافع عن النبي (ص) بدافع الايمان من قلبه للدفاع عن الدعوة، والا فلا يمكن ان يتفاعل بهذا التفاعل العنيف للدفاع عن المعتقد.

ت‌- كفالته رضوان الله عليه لرسول الله (ص) بعد وفاة جده عبد المطلب، لان عبد الله والد النبي (ص) قد توفي والنبي (ص) حمل في بطن امه، وحينما ولد تكفله جده عبد المطلب وحين حضرته الوفاة اوصى ابا طالب بحفظ رسول الله (ص) واحاطته وكفالته.

اوصيك يا عبد مناف بعدي بموحد بعد أبيه فردى
فارقه وهو ضجيع المهدي فكنت كالام له في الوجد

وكان له من العمر انذلك ثمان سنين فكفله ابو طالب وقام برعايته احسن قيام، ولما ادخلت قريش بني هاشم الشعب ثلاث سنين كان رسول الله (ص) إذا أخذ مضجعه وعرف مكانه، جاءه أبو طالب فأنهضه عن فراشه وأضجع ابنه أمير المؤمنين(ع) مكانه، فقال له أمير المؤمنين(ع) ذات ليلة: يا أبتاه إنّي مقتول، فقال:

إصبرن يا بني فالصبر أحجى كلّ حيّ مصيره لشعوب
قد بذلناك والبلاء شديد لفداء الحبيب وابن الحبيب
لفداء الأغرّ ذي الحسب الثاقب والباع والكريم النجيب
إن تصبك المنون فالنبل يُرمى فمصيب منها وغير مصيب
كلّ حيّ وإن تملّى بعيش آخذ من خصالها بنصيب

فأجابه أمير المؤمنين(ع)
أتأمرني بالصبر في نصر أحمد ووالله ما قلت الذي قلت جازعا
ولكنّني أحببت أن ترى نصرتي وتعلم إنّي لم أزل لك طائعا
وسعيي لوجه الله في نصر أحمد نبيّ الهدى المحمود طفلاً ويافعا

وصدور هذا الفعل من ابي طالب دليل على اعتقاده بنبوته وايمانه برسالته، ولذا كان يرى من واجبه الحفاظ على حياته حتى يفتديه بابنه بل باولاده.

ث‌- وصايا ابو طالب ومنهجه لأولاده بالوقوف الى جانب رسول الله (ص) ومنها: قوله لبعض اولاده (يا بني صل جناح ابن عمك) وقوله لأخر حينما رآى النبي (ص) يصلي ومعه علي وخديجة (ع) فقال (يا بني الزم ابن عمك) كما اولاده اوصى عند دنو منيته بأن يلتزموا بخط رسول الله (ص) ومنهاجه، فان لم يكن مؤمنا برسالته فكيف يوصي ابناءه ويحفزهم على الالتزام بخطه (ص).

وبعد هذا العرض لعل سائل يسأل لماذا هذا التجني على ابي طالب ؟
جوابنا هو ذو شقين:

الشق الاول: كون ولده علي (ع)، وعلي هو قلب الايمان النابض ولو لا علي (ع) لما انتصرت الرسالة الاسلامية، لذا فلم يجد اعداءخ في صفحته وحياته ما يخالف الايمان، فهو قمة في كل الكمالات، فلم يستطيعوا ان يتهموه بشيء فطعنوا في ايمان ابيه.
ولو كان ابنه غير علي (ع) لأعتبروا ابا طالب من سادات الاولين، ولكن ابنه علي امير المؤمنين (ع).

الشق الثاني: ان طرح عدم ايمان ابي طالب افرزته السياسية المنحرفة من الكادر الذي تبناه معاوية وامثاله لكي يشوهوا صورة الاسلام، لان هذا الاتجاه المنحرف عن خط الاسلام المحمدي الاصيل وضع كثيرا من الاحاديث على رسول الله (ص) وزور الحقائق واختلق اشخاصا لا وجود لهم في التاريخ فنسب اليهم الصحبة لرسول الله (ص)، وحسبنا دليلا على هذا ما سطره العلامة العسكري في كتابيه (خمسون ومائة صحابي مختلق) و(عبد الله بن سبأ) فعند مراجعته نجد هناك سيلا من الاكاذيب والافتراءات والوضع على النبي (ص) واهل بيته الكرام (ع).
وهذه واحدة من تلك الافتراءات التي وضعها المغيرة بن شعبة المعروف بعدائه للاسلام ولأمير المؤمنين واهل بيته الطيبين(ع)، فحينما ترجع الى التاريخ نجد ان هذا الرجل اقل ما ذكره عنه بان اقام الخليفة الثاني عليه الحد عندما جعله واليا على البصرة، ولكن من مفارقات التاريخ ان اعتبروا هذه الفرية (عدم ايمام ابي طالب) من الامور المسلمة دون التثبت والمتابعة.
هذا وليس من المنطق والعقل ان نضرب كل هذه التقييمات من مقام الرسالة ومن اهل البيت (ع) وجهاد الرجل ودفاعه بقول انسان مطلوب للعدالة الاسلامية بحد الزنا.

وفي الختام نعزي العالم الاسلامي بذكرى وفاة هذه الشخصية المؤمنة المدافعة عن الاسلام التي توفيت في 26 رجب للسنة العاشرة للبعثة النبوية في شعب ابي طالب بمكة المكرمة اقبل امير المؤمنين (ع) رسول الله (ص)، فاخبره بموته، فتوجّع لذلك النبي (ص) وقال: امضِ يا علي، فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني.
ففعل ذلك أمير المؤمنين(ع)، فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبي (ص) فرق له وقال: وصلتك رحم، وجزيت خيراً، فلقد ربّيتَ وكفلتَ صغيراً، وآزرتَ ونصرتَ كبيراً.
ثمّ أقبل على الناس فقال: أما والله، لأشفعنّ لعمّي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين.

هذا غيض من فيض ولمزيد الاطلاع يرجع الى ما كتبه الشيخ الاميني في (موسوعة الغدير) وما كتبه الشيخ الخنيزي في كتابه (ابو طالب مؤمن قريش) وغيرهما من الكتب المستقلة التي كتب عن هذه الشخصية والتي نافت على العشرين كتابا.

فسلام الله عليك يا ابا طالب يوم ولدت ويوم اويت ونصرت ويوم ارتحلت الى ربك ويوم تبعث حيا.

اترك تعليق