جاء حديثه هذا بمناسبة الذكرى السنوية لاربعينية الامام الحسين (ع) بعد قرابة 14 قرن، موضحا فيها بعض النقاط المهمة لهذه الزيارة المباركة:

1- انبهار العالم بشقيه العربي والغربي من حسن سلوك وانضباط زوار الحسين (ع) في زيارة الاربعين على كثرة عددهم واختلاف لغاتهم وقومياتهم وجنسياتهم ودياناتهم، مما يؤكد لنا بأن مدرسة اهل البيت (ع) قادرة على ان تجمع العالم كله تحت لواء واحد وقيادة واحدة وهي قيادة الامام التاسع من ذرية الحسين (ع) الامام المهدي المنتظر (عج)، ليقود الدنيا انذاك الى جادة الصلاح والرشاد، والذي هو الهدف الاسمى من بعثة الانبياء (ع).

2- ان زيارة الاربعين المليونية في عددها وصفائها وهدفها ومقصدها كشفت لنا ضغائن واحقاد النفوس المريضة ((في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون)) التي راحت تطعن في قدسية هذه الشعيرة، لطعنها بشرف العراقيات اللائي دافعن عن شرف العروبة وعرضها ومقدساتها بكل قومياتها وطوائفها ومذاهبها، حينما دفعن بابنائهن وازواجهن واخوانهن نحو سوح الجهاد ضد الدواعش واتباعهم ومن يمولهم ويساندهم، في حين اننا لم نسمع صوتا من هؤلاء يندد بالذين هتكوا اعراض المسلمين والمسيحيين والايزيديين وغيرهم، ولم ينددوا بجهاد المناكحة الذي ترك من المآسي والويلات نتيجة اللائي حملن من سفاح وزنا، حتى ضجت تلك الدول التي وقعت بناتهن فريسة لهذا الفخ القذر والذي لا يملك في شرعيته دليلا، فلماذا لم نسمع لهم تصريحات وتعليقات؟!

نعم، ولكنها الطائفية التي نترفع عنها والعمالة والتبعية للأسياد، فالعراقيون الشرفاء والعراقيات الشريفات اظهروا للعالم عفتهم ونجابتهم وشجاعتهم بشهادة الاخرين، ولكننا نقول لهم ولغيرهم كما يقول القران ((قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور)) .

3- لقد اثبتت لنا بعض الماكنات الاعلامية في العالم بعدم نزاهتها وصدقيتها وموضوعيتها فيما تنقل وتنشر من اخبار واحداث، كونها تجانب الحق والحقيقة وتخالف الواقع، وهذا المنهج يعبّر عن خيانتها لرسالتها وخيانتها لشرف المهنة، فحدث مثل حدث زيارة الاربعين الذي لم يحصل مثله على الكرة الارضية والفريد من نوعه على مستوى التاريخ البشري الذي حطم كل الارقام القياسية، واذا بها تتجاهله وتتغاضى عنه بكل الوسائل، فعلى هؤلاء ان يرجعوا الى ضمائرهم ويحاسبوها على هذا التقصير.

فهل يجدون في العالم ماراثون يشترك فيه اكثر من عشرين مليون من البشر، فيه الشيخ والشيخة والشاب والشابة والطفل والرضيع والمريض والمعاق وغيرهم؟!.

وهل توجد في العالم مائدة طعام منصوبة للزائرين طوال 24 ساعة ولمدة عشرين يوما على مسافة طولها اكثر من ستمائة كيلومتر فيها من مختلف الاطعمة والاشربة والحلويات والفواكة، محفوفة بجود النفس وكرم الضيافة الاسلامية؟!.

وهل توجد فنادق مفتوحة على مدار 24 ساعة ولنفس المسافة تقدم الخدمات مع الالتماس والرجاء بالاستضافة؟!.

وهل يوجد في العالم الاسلامي بما في ذلك البيت الحرام والحرم النبوي الشريف، صلاة جماعة بطول عشرين كيلومتر بين النجف وكربلاء؟!.

ولكننا ومع شديد الاسف لم نرى المؤسسات الاعلامية في العالم تغطي هذا الحدث العظيم بكل ما للكلمة من معنى عبر شاشاتها وتقاريرها حتى لثوان معدودة، علما بانه هو الحدث العظيم والاقوى والاضخم والفريد في كل شيء، ولكن هذه القنوات ادارت ومع كل الاسف بعدساتها واجهزتها عن اعظم تجمع عرفته البشرية على سطح الكرة الارضية وعلى مر التاريخ، والسر في هذا الاعراض معلوم، لان هذا الحدث يتعلق بالحسين (ع) ابن بنت رسول الله (ص) وسيد شباب اهل الجنة، ولكونه يحمل خطرا على مخططات الاعداء الشيطانية التي تريد تشويه سمعة الاسلام والمسلمين، والسيطرة على العقل الانساني بالتوافه من الاشخاص، ولو كان بعض من هذا الحدث لاقزام التاريخ لراينا هذا الموقف يختلف تماما.

فلهذا وغيره فلم تعر له اي اهمية، وقد علق البعض على هذا الموقف المتخاذل بقوله: (وهذا ما يثبت لنا بان اغلب هذه المؤسسات بعيدة من الحق والصدق والامانة، ولا تذكر من اخبار ومعلومات الا ما تطلبه منهم الحكومات والتنظيمات الداعمة لهذه المؤسسات الاعلامية).

وان زيارة الاربعين كانت هي اهم اختبار يفضح ويعري اغلب المؤسسات الاعلامية ويثبت عدم مصداقيتها واستقلالها، بل راينا من البعض الموقف المعكوس حيث يتربص وبكل عناية ما يحصل من خرق امني او تجاوز ارهابي، فتراه يطبّل ويزمّر ويزمهر بذلك، ويكرر نقل الخبر مرار وتكرارا، ولكن بحمد الله ومنته وبهمة الجهات الامنية وبركات الحشد الشعبي والاحتياطات التي اتخذتها العتبات المقدسة في كربلاء والنجف مرت الامور بانسيابية ودون خرق امني.

فلذا نعود ونقول لاهل الضغائن والاحقاد والاحن ((قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور)).

4- من المشاهد الملفتة للنظر في زيارة الاربعين:

أ‌- مؤمنة زائرة مقعدة جالسة على كرسي الاعاقة، تحمل وبكل افتخار واعتزاز صور ابنائها الاربعة الذين استشهدوا دفاعا عن الوطن، واخرى في التسعين من عمرها، شاهدتها وهي محنية الظهر، تتوكأ على عصا وتمشي بهمة وعزيمة نحو مرقد محبوبها الحسين (ع).

ب‌- ضابط طيار في جبهات القتال، قال اني اظن ان شهادتي ستكون على جبهات الموصل، فأخذ اجازة لمدة يومين ليكون في ركب الماشين الى زيارة الحسين (ع) وثم الشهادة اذا ادركته.

ت‌- شاهدنا بعض اصحاب المراتب العليا في دولهم وبعضهم برتبة وزير، جاؤوا ليخدموا زوار الحسين (ع) ويكنسوا اماكن نومهم ويقدموا لهم الطعام والشراب والفراش ويمرغوا اقدامهم ليزيلوا تعب مشيهم.

وهناك مشاهد يعجز القلم عن ذكرها وبيانها وما ذكرناه فيض من غيض.

5- نأمل من الاعلاميين الشرفاء الاحرار ممن لم يبيعوا اخرتهم بدنيا غيرهم، ان يوثّقوا هذه الوقائع وينقلوها على حقيقتها للملأ، التزاما بشرف المهنة وخدمة للموضوعية، وان يعرضوا هذه المشاهد التي تعبر عن التزام صادق بالمبادئ والقيم التي ضحى من اجلها الحسين (ع) واهل بيته واصحابه الكرام ((انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد)).

واخيرا نقول السلام عليك يا ابا عبد الله، اشهدُ لقد طيّب الله بك التراب واوضح بك الكتاب واجزل بك الثواب وجعلك وجدك واباك وامك واخاك عبرة لاولي الالباب يا ابن الميامين الاطياب التالين الكتاب، وجهت سلامي اليك والى اهل بيتك واصحابك وزوارك والمستشهدين معك، وياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما

اترك تعليق